الأحد، 3 يوليو 2011

لا تبك يا أم الشهيد


شهيد قدم حياته كي يعيش وطنه. انطفئ النور في محاجره كي يضيء نورا يملئ أرض مصر ضياء ينير الطريق أمام وطن قضى في العتمة دهرا. لم يكن مناضلا و لا جنديا محترفا. لم يكن سياسيا و لا زعيما و لا بطلا. كان شابا و كفى. شابا مصريا بسيطا لو قابلته في الشارع لن تتذكره. شابا كسائر الشباب، خاطب يكد و يعمل لتوفير قوته و تجهيز نفسه للزواج. لا يعلم شيئا عن الأيديولوجية و الأحزاب و الحراك السياسي و النضال الشعبي. سمع صوت الأرض يناديه فلبى النداء. سمع اختناقة مصر فمنحها نفسه و قضى دونها. مارس البطولة ببساطة الغلابة. تلقى الرصاص الغادر و مات واقفا كالنخل. لم تكن له من كل الأمر غاية و لا سمعة. سمع مصر فحمل كفنه و ذهب يلاقي الموت لتعيش مصره شامخة متدفقة كالنيل في أزليته.
مات الشهيد. سقط فرعون. لكن جنوده توارو في خبث حتى تحين اللحظة المناسبة. حانت حتى قبل أن يتوقعوها. انشغلنا نحن بالورث و تركنا الشهيد جثة بلا روح. ذكرى بلا شجن. وضعنا الأنظمة و انخرطنا في التنظيمات. انهمكنا في التنظير و استعراض البطولات. نسينا أن ندفن الشهيد و نأخذ عزاه. بسطنا قبضاتنا و نسينا أن نبقيها مضمومة في وجه من اغتال الشهيد. لملم القتلة بعثرتهم و انتفضوا. أحد أخرى. من قال أن التاريخ يعيد نفسه لم يكذب. تركنا الجبهة و انطلقنا نحو الغنائم فهب القتلة و أثخنوا في القتل. عذبوا أم الشهيد. ضربوا أخاه. أهانوا ذكراه. أخذتنا الصيحة فوقفنا مشدوهين نتفرج على القاتل يقتل الشهيد مرتين.
لا تبك يا أم الشهيد. هي أحد و من ورائها الفتح العظيم. لا تبك يا أم الشهيد فكلنا أبناؤك. كلنا شهداء و إن كان بعضنا مازال حيا. لا تبك يا أم الشهيد فلن تذهب دماؤه الطاهرة هباء. لا تبك يا أم الشهيد فحقك راجع. ميدان الشهداء سيجمعنا من جديد. هذه المرة لن ننسى. لن نستكين حتى نهزم الظلم. حتى تتحول دموع عينيك أنهارا من فرح تغسل حزنك و تحيط بالفخر قلبك. حتى تغشى وجوه الزبانية قترة. حتى تفتح أبواب جهنم لتستقبل جحافلهم. حتى تري ملامح ابنك في كل الوجوه. لا تبك يا أم الشهيد فالشباب جبل على العناد. لا تبك يا أم الشهيد فحقك لن يضيع. لن يتبعثر دم ابنك بين القبائل. لا تبك يا أم الشهيد فكل الشهداء خارجون إلى الميدان. باقون هناك. حتى يلتحق الجنود بفرعونهم هناك، في أسفل سافلين...لا تبك يا أم الشهيد...

ليست هناك تعليقات: